36 جنسية مسلمة في هذه الجزيرة
هاواي... كيف أصبح هذا الأرخبيل موطناً للمسلمين من 36 دولة؟
على استحياء أطلت شمس ذلك اليوم على الشواطئ الرملية الممتدة كما لو كانت مشهداً متخيلاً يصور قطعة من الجنة، النسائم تداعب وجه المياه المتلألئة تحت حمرة الشمس الطازجة، بينما تتكسر أمواج هادئة مصدرة خريراً متواتراً يبعث في النفس سكينة قل نظيرها، هدوء لم تتعود عليه هذه الجزر القابعة وسط المحيط الهادي، هناك على بعد 2300 ميل من الساحل الغربي للولايات المتحدة و 3400 ميل من الساحل الآسيوي لليابان وهي التي طالما تلقت ضربات المحيط الموجعة على شكل أمواج هادرة، الشفق الصباحي الوردي البعيد الذي يختفي خلف السحب الرمادية قد ينذر بشيء ما... من يدري ربما هو الهدوء الذي يسبق العاصفة...
إنه العام 1778م، تتهادى سفن غريبة قبالة شواطئ أرخبيل هاواي، وهذه سفن المستعمرين الأوربيين الذين أرادوا اكتشاف الأرض الجديدة، يتقاطر الجنود المدججون بالسلاح ويبدؤون بقضم الأراضي كسرب من الجراد المنتشر... يظنون أنفسهم أول من وصلوا إلى هنا، كتبوا في ذلك الكتب وألفوا المؤلفات، ربما لم يدروا أن هناك من وصل إلى هنا قبلهم، وربما أرادوا ألا يعرف أحد بذلك.
فالوثائق التي وجدت هنا تثبت أن أول ديانة سماوية وصلت إلى هذا المكان كانت الإسلام... متى؟ في القرن الخامس الهجري، حط المسلمون رحالهم هنا عندما كانت هذه الرمال بكراً هم الذين جابوا بحار العالم تسوق أشرعتهم رياح الفضول وحب الاستكشاف والعطش لنشر رسالتهم السماوية، نزلوا على هذه الأرض حاملين معهم إسلامهم، عبدوا الله، بنوا دور عبادتهم، صلوا وصاموا، وربما استقر بعضهم هنا بينما تابع الآخرون ترحالهم باحثين عن شواطئ أخرى لم تطأها قدم إنسان بعد، وهناك أزهروا بدينهم أيضاً.
مع ذلك ومع قدوم الاوربيين قد يكون الرعيل الأول من المسلمين قد تلاشى، ولكن دين الله باقٍ، فها هي الهجرات اللاحقة من المسلمين تصل إلى هاواي من بلدان العالم الإسلامي على امتداده.
يشكل المسلمون في هاواي اليوم مجتمعًا نابضًا بالحياة، بدءًا من المهنيين الباكستانيين والعرب وحتى المتحولين المولودين في أمريكا والمهاجرين الجدد من فلسطين والعراق وأفغانستان والصومال، واليوم، بفضل الله، يصلي الرجال والنساء المسلمون من خلفيات وأعراق وثقافات مختلفة من أكثر من 36 دولة بجانب بعضهم البعض في سلام طوال العام...