شارك هذا المقال :


مراكب على الشاطئ

الدولة: الصين

في الصباح ، كما في المساء، كانت المراكب الشراعية الضخمة، تفرغ جوفها من العبيد والعمال، تارة من أفريقيا، وتارة أخرى من الهند، وبرغم اختلاف وجهاتهم وسحناتِهم إلا أنهم جميعاً شاركوا فى بناء قصة الإسلام في هذه الجزر الكاريبية .. كيف تم ذلك؟

"فى الصباح كما في المساءات، كانت المراكب الشراعية الضخمة، تفرغ جوفها من العبيد والعمال تارة من أفريقيا وتارة أخرى من الهند، وبرغم اختلاف وجهاتهم وسحناتهم إلا أنهم جميعاً شاركوا فى بناء قصة الإسلام فى هذه الجزر الكاريبية، فكيف تم ذلك؟

كان الصباح يتنفس بالفعل، رغم أن شمسه لم تطل بعد، لكن السفر والترحال مبكراً من عاداتهم، أعدوا قواربهم لتبحر بهم إلى أرض قد قدِّر لهم هناك أن يضعوا آثارهم، مسلمون من غرب القارة الإفريقية، وقبل إكتشاف ترينيداد وتوباغو، بنوا فيها المساجد وتدارسُوا فيها كتب الفقه الإسلامي، ومع مضي الوقت وإكتشافها تلاشت آثارهم الإسلامية...

صباح آخر، ولكن بعد عقود، وبينما الأمواج تضرب سواحلَ هذه الجزر الصغيرة في البحر الكاريبي، كانت إحدى المراكب التابعة لإسبانيا والتي كانت قد استعمرت الجزيرة منذ العام 1777م، تفرغ ما في جوفها من العبيد المختطفين من غرب أفريقيا، هذه الأفواج قد جُلِبت لتعمير الأرض وزراعتها..

 

 

كانت أيامهم الأولى تبدو صعبة، لكنهم ومع مرور الوقت كان لا بدَّ أن يتأقلموا، وهكذا بدأوا  في الاختلاط بالسكان المحللين والتزاوج منهم.

 لقد كانت هذه هي البذرة الأولى لدخول الإسلام إلى هذه الجزر، واعتناق عدد كبير من سكانها للدين الحنيف، إنها البداية وحسب..

تمرُّ عقود طويلة قبل أن تصل مراكبُ جديدةٌ إلى الشواطئ وتحديداً في العام 1834، كانت (ترينداد وتوباغو) موعودة هذه المرة بموجات جديدة من المسلمين، وإن لم يكن عن قصد من المستعمر الجديد، أقصد البريطانيين. 

هذه الموجة قد وصلت من الهند، وكان وقتها قد تم إلغاء العبودية، فالشركاتُ البريطانية استقدمتِ الكثير من العمّال من مستعمرتها فى آسيا ، وكان بينهم مسلمون وهندوس من أبناء شبه القارة الهندية وذلك للعمل في المزارع والمناجم..

كانت هذه الخطوة تعني زيادة كبيرة فى أعداد المسلمين في ترينيداد وتوباغو، وحيث بدأت تبرز معالم الهوية الإسلامية في البلاد، أُسِّست الجمعيات، ونُشرت الدعوة، وصُحِّحت المفاهيم الإسلامية..

ذات مساء من العام 1863م، يتهادى صوت جميل، ينادى للصلاة ، فى قرية صغيرة تقع على أطراف الجزيرة تدعى "كالكوتا"، من الجميل أن يحمل الناس أسماء مدنهم معهم، لكن من الأجمل أن لا ينسوا دينهم.

كانت مئذنة صغيرة قد بنيت في المسجد الذي حمل اسم "مسجد كالكوتا أسجا ماجد"، نحن نتحدث عن العام 1863 ، تاريخ بناء هذا الصرح الجميل فى هذا المكان النائي ، وليكون بذلك أقدم المساجد في أمريكا الشمالية ..

سيظل إمامه الأول الشيخ "دوكي ميه"، الأشهر فى تاريخ المسجد، فقد نجح فى العام 1868م، من الاتفاق مع الحكومة البريطانية على إعفاء المسجد من الضرائب في وثيقة مكتوبة من الحاكم ، ولتظلَّ هذه الوثيقة قائمة إلى يومنا هذا.

8% من المسلمين اليوم ينادون بالرحمة والهداية، حياة نقية ودين يرتقي بهم إلى آفاق الروح والإيمان حملتهم سابقاً أمواج المحيط حتى وصل الإسلام إلى شواطئ ترينيداد وتوباغو، بحوالي 115 مسجداً، و14 منظمة إسلامية، وبعض المدارس يسعون معاً بخطى ثابتة لنشر التعاليم الدينية والثقافية والاجتماعية  للدين الإسلامي.

 



شارك هذا المقال :
الدولة: الصين


بحث